شكل الذهب صديقا مخلصا للمرأة عبر العصور. يزيدها جمالا ويضفي على بشرتها التألق أيّا ما كانت المناسبة، بفضل تفاعله معها وما يعكسه عليها من ضوء وإشراق. لهذا ليس غريبا أن تتعلق به وتدخله في زينتها. ولا يتعلق الأمر هنا بالحلي والمجوهرات فحسب، بل أيضا روتين العناية بالجمال والتجميل، ذلك أن مزاياه في هذا المجال أصبحت معروفة ومعترفا بها. من أهم هذه الميزات قدرته على تأخير زحف الزمن وعلامات الشيخوخة وإضفاء النضارة والحيوية على البشرة. ويعود استغلال الذهب في التجميل والعلاج إلى الحضارات الفرعونية ثم الصينية القديمة، قبل أن ينتقل إلى الهند ليدخل الطب التقليدي من أوسع الأبواب، وهو باب نظام «الأيورفيدا» الذي يرتكز على تحقيق التوازن بين كل عناصر الجسم من خلال الاعتماد على وصفات من الأعشاب والمعادن، بالإضافة إلى التدليك، بهدف جعله حصنا منيعا في مواجهة التأثيرات الخارجية. وقد استخدم الذهب في كثير من التركيبات لمعالجة أمراض القلب وداء المفاصل، نظرا لقدرته على تنشيط الدورة الدموية ومحاربة الالتهابات، حتى أنه كان يوصى به للمرأة الحامل لكي تضعه في سلسلة حول بطنها حتى ينعم طفلها المرتقب بمناعة معززة بتأثيرات الذهب الفعالة. وانسحبت التجربة الذهبية على عالم الجراحة التجميلية، التي استغلت قدرته على مواجهة الزمن والتعديات الخارجية بجراحات ناجحة، كونه غير قابل للتأكسد أو التآكل من جهة، وكونه يتكيف مع طبيعة الأنسجة البشرية بسهولة من جهة ثانية، لذلك اعتمده بعض جراحي التجميل لشد الوجه وإيجاد شبكة داعمة للأنسجة، لتأخير الحاجة للجراحة الكلاسيكية، وذلك بإدخال أسلاك رفيعة في الوجه لرفع المناطق المترهلة إلى أعلى أو إلى أماكنها قبل أن تقع ضحية جاذبية عامل السن. في البداية لم تلق هذه التقنية رواجا كبيرا، لأن خيوط الذهب كانت رفيعة جدا وملساء، بحيث تنزلق بسهولة ولا تؤدي مهمتها على أكمل وجه، بل إنها، وفي بعض الأحيان، تحدث تموجات في البشرة، ما قد يستدعي عملية جراحية لإزالتها. لهذا السبب تم الاستغناء عنها واستبدالها بخيوط متطورة تتكيف مع الوجه وتعطي نتائج أفضل. ومع تطور التقنيات الحديثة التي سمحت للعلماء بالاستفادة من خصائص الذهب الخالص عبر سحقه حتى يصبح جزيئات مجهرية، أو من خلال نقعه بسوائل خاصة، تم حصر هذا المكون النفيس ضمن تركيبات ناجعة للعناية بصحة البشرة وشبابها، خاصة أن الذهب أثبت أنه يمتاز بمواصفات علاجية مذهلة فهو:
1ـ مقاوم فعال للبكتيريا والالتهابات، يبطئ تلف ألياف الكولاجين والإيلاستين التي يتكون منها نسيج البشرة فتمنحه الشكل المشدود. 2ـ يعتبر منشطا للدورة الدموية المجهرية التي تسمح بنقل الأكسجين والغذاء إلى الخلايا، مما يساهم في تعزيز نشاط الخلايا ويمدها بالطاقة المحفزة لكي تتجدد بسرعة. 3ـ يعمل على تفعيل عملية التصريف الليمفاوي الذي يساعد الجسم في التخلص من السموم. 4ـ يحصن الخلايا ويجعلها قابلة للتصدي للتأثيرات الخارجية كالتلوث والجذريات الطليقة والأشعة ما فوق البنفسجية، التي من شأنها أن تبطئ عملية تجدد الخلايا، وتؤدي إلى تسريع شيخوخة البشرة.
5- تعمل جزيئات الذهب على كبح إنتاج الميلانين، مما يحد من اصطباغ البشرة، بالإضافة إلى قدرته على تظليل التجاعيد واستقرار الجزيئات المجهرية بين الخطوط فتشكل الانعكاسات الضوئية خدعة بصرية فتبدو البشرة مشرقة شابة. كل هذه الميزات شجعت المختبرات الرائدة في صناعة منتجات العناية بالبشرة والتجميل، على إدخاله ضمن تركيبات ثمينة مدعمة بعناصر تسهل تغلغل الذهب إلى أعماق البشرة. وهكذا تألق لدى مجموعة «غيرلان» ضمن مستحضر «اسنس أوف رايدينس» حيث امتزج الذهب مع «البوليمر» ليكسو البشرة بوشاح من النضارة والإشراق. كما استغلت مختبرات «لابريري» مزاياه العلاجية في مصل مركّز «بيور غولد» يحتوي على الذهب من عيار 24 قيراطا والبلور السائل ومواد أخرى تعزز تراص البشرة وتألقها. ولدى «هيلينا روبنشتاين» امتزج الذهب مع الطحالب والفيتامينات في تركيبة «غولد فيوتشر» ليمنح البشرة الشباب والنضارة. ولم تقتصر الاستفادة على منتجات التجميل، بل تشمل المراكز التجميلية التي أدخلته هي الأخرى ضمن برامج عناية ترتكز على الذهب كعنصر أساسي، تغلف البشرة بوريقات الذهب عيار 23 قيراطا بعد تدليكها، ومن ثم تعرض للبخار البارد، يليها تدليك بمكونات مرطبة ليخرج بعدها الوجه، كما الجسم، وهو يشع نضارة وإشراقا.
تناسب هذه العناية المترفة ذوات البشرة المتعبة والفاقدة للبريق. كما تناسب الفتاة المقبلة على الزفاف، ويستحسن استخدامه أيضا كمصل مركّز ضمن برنامج عناية مكثف مع بدء فصل جديد لتجديد الخلايا وتحصين البشرة في مواجهة تحديات جديدة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق