أولاً: يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا .... في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة). يعني الكفرة، فالكفرة زينتهم الدنيا وهمهم الدنيا وهم أولى بهذا الشيء، أما المؤمن فشأنه أن يعد للآخرة، وأن يعمل للآخرة، وليس من شأنه المباهاة في الدنيا، ولُبس الذهب والفضة والحرير، ليس من شأنه هذا، بل هو حريص على إعداد نفسه للآخرة، والقيام بما أوجب الله عليه، وترك ما حرم الله عليه، وتعاطيه الذهب والفضة لبساً أو أكلاً وشرباً في أوانيها قد يجره إلى الكبر والخيلاء فيكون ذلك من أسباب دخوله النار، وقد يجره إلى التشبه بأعداء الله في أخلاقهم وصفاتهم، ورغبتهم في الدنيا، وبُعدهم عن الآخرة، فيجره ذلك إلى الهلاك. أما النساء من جهة الحلي فلأنهنَّ مطلوب منهن الزينة لأزواجهن حتى يتحببن إلى أزواجهن، والذهب زينة، والفضة زينة، فلهذا أباحه الله للنساء حتى يتجملن به للرجال. أما الرجل فليس بحاجة إلى هذا الشيء، ليس بحاجة إلى أن يتجمل به، بل يكفيه اللباس الحسن، والخاتم من الفضة فقط، ولا حاجة فيه للتجمل لزوجته بالذهب والفضة، وهذا من حكمة الله -جل وعلا- ورحمته وإحسانه إلى عباده سبحانه وتعالى.
فتوى الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله
السؤال: المستمع حسين علي عبد الله اللهيبي من العراق يقول ما هي العلة في تحريم لبس الذهب على الرجال لأننا نعلم أن دين الإسلام لا يحرم على المسلم إلا كل شيء فيه مضرة عليه فما هي المضرة المترتبة على التحلي بالذهب للرجال؟
الجواب
الشيخ: اعلم أيها السائل وليعلم كل من يستمع هذا البرنامج أن العلة في الأحكام الشرعية لكل مؤمن هي قول الله ورسوله لقوله تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أيكون له الخيرة من أمرهم) فأي واحد يسألنا عن إيجاب شيء أو تحريم شيء دل على حكمه الكتاب والسنة فإننا نقول العلة في ذلك قول الله تعالى أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم وهذه هي العلة كافية لكل مؤمن ولهذا لما سئلت عائشة ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة قالت كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة لأن النص من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام علة موجبة لكل مؤمن ولكن لا بأس أن يتطلب الإنسان الحكمة وأن يلتمس الحكمة من أحكام الله تعالى لأن ذلك يزيده طمأنينة ولأنه يتبين به سمو الشريعة الإسلامية حيث تقرن الأحكام بعللها ولأنه يتمكن به من القياس إذا كانت علة هذا الحكم المنصوص عليه ثابتة في أمر آخر لم ينص عليه فالعلم بالحكمة الشرعية له هذه الفوائد الثلاث ونقول بعد ذلك في الجواب على سؤال الأخ إنه ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام تحريم لباس الذهب على الذكور دون الإناث ووجه ذلك أن الذهب من أعلى ما يتجمل به الإنسان ويتزين به فهو زينة وحلية والرجل ليس مقصوداً لهذا الأمر أي ليس إنساناً يتكمل بغيره أو يكمل بغيره بل الرجل كامل بنفسه لما فيه من الرجولة ولأنه ليس بحاجة إلى أن يتزين لشخص آخر لتتعلق به رغبته بخلاف المرأة فإن المرأة ناقصة تحتاج إلى تكميل لجمالها ولأنها محتاجة إلى التجمل بأعلى أنواع الحلي حتى يكون ذلك مدعاة للعشرة بينها وبين زوجها فلهذا أبيح للمرأة أن تتحلى بالذهب دون الرجل قال الله تعالى في وصف المرأة (أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين) وبهذا يتبين حكمة الشرع في تحريم لباس الذهب على الرجال وبهذه المناسبة أوجه كلمة نصيحة إلى هؤلاء الذين ابتلوا من الرجال بالتحلي بالذهب فإنهم بذلك قد عصوا الله ورسوله وألحقوا أنفسهم لحاق الإناث وصاروا يضعون في أيديهم جمرة من النار يتحلون بها كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فعليهم أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى وإذا شاءوا أن يتحلوا بالفضة في الحدود الشرعية فلا حرج في ذلك وكذلك بغير الذهب من المعادن لا حرج عليهم أن يلبسوا خواتم منه إذا لم يصل ذلك إلى حد السرف.
0 التعليقات:
إرسال تعليق